بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَأَنزَلنَا إِلَيكَ اُلذِكّرَ لِتُبَيِنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيهِمْ وَلَعَلَّمْ يَتَفَكَّرُونَ)
الآية 44 سورة النحل
صدق الله العظيم
أخوتي في الله أحببت أن أنشر موضوع غفل عنه الكثير منا وهو تفسير القرآن الكريم ولكن بشكل مختصر أبين فيه أسباب نزول كل سورة وفضلها وسبب تسميتها وذلك بالاستعانة من كتاب ((صفوة التفاسير)) لمؤلفه محمد علي الصابوني الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة _جامعة الملك عبد العزيز
ولمن كان لديه أية سؤال عن أية سورة موجودة في كتاب الله فليسأل عنها، والله ولي التوفيق
وأبدأ ب:الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين
1-سورة الفاتحة:
{ وَأَنزَلنَا إِلَيكَ اُلذِكّرَ لِتُبَيِنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيهِمْ وَلَعَلَّمْ يَتَفَكَّرُونَ)
الآية 44 سورة النحل
صدق الله العظيم
أخوتي في الله أحببت أن أنشر موضوع غفل عنه الكثير منا وهو تفسير القرآن الكريم ولكن بشكل مختصر أبين فيه أسباب نزول كل سورة وفضلها وسبب تسميتها وذلك بالاستعانة من كتاب ((صفوة التفاسير)) لمؤلفه محمد علي الصابوني الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة _جامعة الملك عبد العزيز
ولمن كان لديه أية سؤال عن أية سورة موجودة في كتاب الله فليسأل عنها، والله ولي التوفيق
وأبدأ ب:الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين
1-سورة الفاتحة:
تسمى صورة الفاتحة لافتتاح الكتاب العزيز بها حيث إنها أول القرآن في الترتيب لا في النزول، وهي- على قصرها ووجازتها- قد حولت معاني القرآن العظيم، واشتملت على مقاصده الأساسية بالإجمال، فهي تتناول أصول الدين وفروعه، تتناول العقيدة، والعبادة، والتشريع، والاعتقاد باليوم الآخر، والإيمان بصفات الله الحسنى، وإفراده بالعبادة والاستعانة والدعاء، والتوجه إليه جلَّ وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم، والتضرع إليه بالتثبيت على الإيمان ونهج سبيل الصالحين، وفيها الأخبار عن قصص الأنبياء، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه، فهي كالأم بالنسبة لبقية السور الكريمة ولهذا تسمى (( أم الكتاب) لأنها جمعت مقاصده الأساسية.
-فضلها- روى الإمام أحمد في المسند أن (أبيًّ بن كعب) قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم أم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) فهذا الحديث يشير إلى قوله تعالى في سورة الحجر:
{وَلَقد ءَاتًينًك سَبعًا مِنَ المثَانٍي وَالقُرءانَ العَظِيمَ )
وتسمى
((الفاتحة، وأم الكتاب، والسبع المَثاني، والشافية، والوافية، والكافية، والأساس، والحمد))
سورة البقرة:
سورة البقرة من أطول سور القرآن على الإطلاق، وهي من السور المدنية التي تعنى بجانب التشريع، التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم الاجتماعية.
اشتملت هذه السورة الكريمة على معظم الأحكام التشريعية: في العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، وفي أمور الزواج، والطلاق، والعدة، وغيرها من الأحكام التشريعية.
وقد تناولت الآيات في البدء عن صفات المؤمنين، والكافرين، والمنافقين، فوضحت حقيقة الإيمان، وحقيقة الكفر والنفاق، للمقارنة بين أهل السعادة وأهل الشقاء.
ثم تحدثت عن بدء الخليفة فذكرت قصة أبي البشر (آدم) عليه السلام، وما جرى عند تكوينه من الأحداث والمفاجآت العجيبة التي تدل على تكريم الله جل وعلا للنوع البشري.
ثم تناولت أيضاً الحديث بالإسهاب عن أهل الكتاب، وبوجه خاص بني إسرائيل (اليهود) لأنهم كانوا مجاورين للمسلمين في المدينة المنورة، فنبهت المؤمنين إلى خبثهم ومكرهم، وما تنطوي عليه نفوسهم الشريرة من اللؤم والغدر والخيانة، ونقض العهود والمواثيق، وقد تناول الحديث عنهم ما يزيد على الثلث من السورة الكريمة.
وأما بقية السورة الكريمة فقد تناولت جانب التشريع، لأن المسلمين كانوا في بداية تكوين ( الدولة الإسلامية) وهم في أمس الحاجة إلى المنهاج الرباني، والتشريع السماوي، الذي يسيرون عليه في حياتهم سواء في العبادات أو المعاملات، ولذا فإن جماع السورة يتناول الجانب التشريعي وهو باختصار كما يلي:
((أحكام الصوم مفصلة بعض التفصيل، أحكام الحج والعمرة، أحكام الجهاد في سبيل الله، شؤون الأسرة وما يتعلق بها من الزواج، والطلاق، والعدة، تحريم نكاح المشركات إلى غير ما هنالك من أحكام تتعلق بالأسرة، لأنها النواة الأولى للمجتمع الأكبر)).
وتحدثت السورة الكريمة عن جريمة الربا التي تهدد كيان المجتمع وتقوض بنيانه، وحملت حملة عنيفة شديدة على المرابين، بإعلان الحرب السافرة من الله ورسوله على كل من يتعامل بالربا أو يقدم عليه.
وأعقبت آيات الربا بالتحذير من ذلك اليوم الرهيب، الذي يجازى فيه الإنسان على عمله إن خيراً فخير، وإن شراً فشر {{وَاُتّقَواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلىَ الَّلهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَّا كَسَبَت وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}} (البقرة:281) وهو آخر ما نزل من القرآن الكريم، وآخر وحي تنزل من السماء إلى الأرض، وبنزول هذه الآية انقطع الوحي، وانتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه، بعد أن أدى الرسالة وبلغ الأمانة.
وختمت السورة الكريمة بتوجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة، والتضرع إلى الله جل وعلا برفع الأغلال، وطلب النصرة على الكفار، والدعاء لما فيه سعادة الدارين
وهكذا بدأت السورة بأوصاف المؤمنين، وختمت بدعاء المؤمنين ليتناسق البدء مع الختام، ويلتئم شمل السورة أفضل التئام!!.
-وسميت السورة الكريمة ((سورة البقرة)) إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة، التي ظهرت في زمن موسى الكليم، حيث قُتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر على موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله تعالى إله أن يأمرهم بذبح بقرة، وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهاناً على قدرة الله جل وعلا في إحياء الخلق بعد الموت.
-فضلها: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال( لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) أخرجه مسلم والترمذي
وقال صلى الله عليه وسلم (اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) يعني السحرة رواه مسلم في صحيحه
- سورة آل عمران:
سورة آل عمران من السور المدنية الطويلة،
وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من أركان الدين هما:
الأول: ركن العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا.
الثاني:التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله.
أما الأول فقد جاءت الآيات الكريمة لإثبات الوحدانية، والنبوة، وإثبات صدق القرآن، والرد على الشبهات التي يثيرها أهل الكتاب حول الإسلام والقرآن وأمر محمد عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت سورة البقرة قد تناولت الحديث عن الزمرة الأولى من أهل الكتاب وهم اليهود وأظهرت حقيقتهم وكشفت عن نواياهم وخباياهم، وما انطوت عليه نفوسهم من خبث ومكر،
فإن سورة آل عمران قد تناولت الزمرة الثانية من أهل الكتاب وهم (النصارى) الذين جادلوا في شأن المسيح وزعموا ألوهيته وكذبوا برسالة محمد وأنكروا القرآن، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من نصف السورة الكريمة، وكان فيها الرد على الشبهات التي أثاروها بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة، وبخاصة فيما يتعلق بشأن مريم وعيسى عليه السلام، وجاء ضمن هذا الرد الحاسم بعض الإشارات والتقريعات لليهود، والتحذير للمسلمين من كيد ودسائس أهل الكتاب،
أما الركن الثاني فقد تناول الحديث عن بعض الأحكام الشرعية كفريضة الحج والجهاد وأمور الربا وحكم مانع الزكاة، وقد جاء الحديث بالإسهاب عن الغزوات كغزوة بدر، وغزوة احد والدروس التي تلقاها المؤمنون من تلك الغزوات، فقد انتصروا في بدر، وهزموا في أحد بسبب عصيانهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وسمعوا بعد الهزيمة من الكفار والمنافقين كثيراً من كلمات الشماتة والتخذيل، فأرشدهم تعالى إلى الحكمة من ذلك الدرس، وهي أن الله يريد تطهير صفوف المؤمنين من أرباب القلوب الفاسدة، ليميز بين الخبيث والطيب، كما تحدثت الآيات الكريمة بالتفصيل عن النفاق والمنافقين وموقفهم من تثبيط همم المؤمنين، ثم ختمت بالتفكر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض وما فيهما من إتقان وإبداع، وعجائب وأسرار تدل على وجود الخالق الحكيم، وقد ختمت بذكر الجهاد والمجاهدين في تلك الوصية الفذة الجامعة، التي بها يتحقق الخير، ويعظم النصر، ويتم الفلاح والنجاح {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون}
-فضلها: عن النواس بن سمعان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران) أخرجه مسلم
-التسمية: سميت سورة ب (آل عمران) لورود ذكر قصة تلك الأسرى الفاضلة (( آل عمران )) والد مريم أم عيسى، وما تجلى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام.
-سورة النساء
سورة النساء إحدى السور المدنية الطويلة، وهي سورة مليئة بالأحكام الشرعية، التي تنظم الشؤون الداخلية والخارجية للمسلمين، وهي تعنى بجانب التشريع كما هو الحال في السور المدنية،
وقد تحدثت السورة الكريمة عن أمور هامة تتعلق بالمرأة، والبيت، والأسرة، والدولة، والمجتمع، ولكن معظم الأحكام التي وردت فيها كانت تبحث حول موضوع النساء ولهذا سميت سورة النساء!!!.
تحدثت السورة الكريمة عن حقوق النساء والأيتام- وبخاصة اليتيمات- في حجور الأولياء والأوصياء، فقررت حقوقهن في الميراث والكسب والزوج، واستنفذتهن من عسف الجاهلية وتقاليدها الظالمة المهينة.
- وتعرضت لموضوع المرأة فصانت كرامتها، وحفظت كيانها، ودعت إلى إنصافها بإعطائها حقوقها التي فرضها الله تعالى لها كالمهر، والميراث، وإحسان العشرة.
- كما تعرضت بالتفصيل إلى أحكام المواريث على الوجه الدقيق العادل، الذي يكفل العدالة ويحقق المساواة، وتحدثت عن المحرمات من النساء((بالنسب، والرضاع، والمصاهرة)) .
- وتناولت السورة الكريمة تنظيم العلاقات الزوجية وبينت أنها ليست علاقة جسد وإنما علاقة إنسانية، وأن المهر ليس أجراً ولا ثمناً، وإنما هو عطاء يوثق المحبة، ويديم العشرة، ويربط القلوب
- ثم تناولت حق الزوج على زوجته، وحق الزوجة على زوجها، وأرشدت إلى الخطوات التي ينبغي أن يسلكها الرجل لإصلاح الحياة الزوجية، عندما يبدأ الشقاق والخلاف بين الزوجين، وبينت معنى (قوامة الرجل) وأنها ليست قوامة استعباد وتسخير، وإنما هي قوامة نصحٍ وتأديب كالتي تكون بين الراعي ورعيته.
- ثم انتقلت من داثرة الأسرة إلى (دائرة المجتمع)فأمرت بالإحسان في كل شيء، وبينت أن أساس الإحسان التكافل والتراحم، والتناصح والتسامح، والأمانة والعدل، حتى يكون المجتمع راسخ البنيان قوي الأركان.
- ومن الإصلاح الداخلي انتقلت الآيات إلى الاستعداد للأمن الخارجي الذي يحفظ على الأمة استقرارها وهدوءها، فأمرت بأخذ العدّة لمكافحة الأعداء.
- ثم وضعت بعض قواعد المعاملات الدولية بين المسلمين والدول الأخرى المحايدة أو المعادية.
- واستتبع الأمر بالجهاد حملة ضخمة على المنافقين، فهم نابتة السوء وجرثومة الشر التي ينبغي الحذر منها، وقد تحدثت السورة الكريمة عن مكايدهم وخطرهم.
- كما نبهت إلة خطر أهل الكتاب وبخاصة اليهود وموقفهم من رسل الله الكرام.
- ثم ختمت السورة الكريمة ببيان ضلالات النصارى في أمر المسيح عيسى ابن مريم حيث غالوا فيه حتى عبدوه ثم صلبوه مع اعتقادهم بألوهيته، واخترعوا فكرة التثليث فأصبحوا كالمشركين الوثنيين، وقد دعتهم الآيات إلى الرجوع عن تلك الضلالات إلى العقيدة السمحة الصافية (عقيدة التوحيد) وصدق الله حين يقول {ولاَ تقولواْ انتهواْ خيراً لكمْ إنما الله إلهٌ واحدٌ }
التسمية: سميت سورة النساء لكثرة ما ورد من الأحكام التي تتعلق بهن، بدرجة لم توجد في غيرها من السور ولذلك أطلق عليها(( سورة النساء الكبرى )) في مقابلة ((سورة النساء الصغرى)) التي عرفت في القرآن بسورة الطلاق
سور المائدة:
* سورة المائدة من السور المدنية الطويلة، وقد تناولت كسائر السور المدينة جانب التشريع بإسهاب مثل سورة البقرة، والنساء، والأنفال، إلى جانب موضوع العقيدة وقصص أهل الكتاب، قال أبو ميسرة: المائدة من آخر ما نزل من القرآن ليس منها منسوخ وفيها ثمان عشرة فريضة.
* نزلت هذه السورة منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية، وجماعها يتناول الأحكام الشرعية لأن الدولة الإسلامية كانت في بداية تكوينها وهي بحاجة إلى المنهج الرباني الذي يعصمها من الزلل، ويرسم لها طريق البناء والاستقرار.
* أما الأحكام التي تناولتها السورة فنلخصها فيما يلي: ( أحكام العقيدة، الذبائح، الصيد، الإحرام، نكاح الكتابيات، الردة، أحكام الطهارة، حد السرقة، حد البغي، والإفساد في الأرض، أحكام الخمر والميسر، كفارة اليمين، قتل الصيد في الإحرام، الوصية عند الموت، البحيرة والسائبة، الحكم على من ترك العمل بشريعة الله) إلى آخر ما هنالك من الأحكام التشريعية.
* وإلى جانب التشريع قص تعالى علينا في هذه السورة بعض القصص للعظة والعبرة، فذكر قصة بني إسرائيل مع موسى وهي قصة ترمز إلى التمر والطغيان ممثلة في هذه الشر ذمة الباغية من اليهود حين قالوا لرسولهم
(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) وما حصل لهم من التشرد والضياع إذ وقعوا في أرض التيه أربعين سنة.
* ثم قصة آدم وهي قصة ترمز إلى الصراع العنيف بين قوتي الخير والشر، ممثلة في قصة (قابيل وهابيل) حيث قتل قابيل أخاه هابيل وكانت أول جريمة نكراء تحدث في الأرض أريق فيها الدم البريء الطاهر، والقصة تعرض لنموذجين من نماذج البشرية:
نموذج النفس الشريرة الأثيمة، ونموذج النفس الخيرة الكريمة
{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
كما ذكرت السورة قصة المائدة التي كانت معجزة لعيسى ابن مريم ظهرت على يديه أمام الحواريين. والسورة الكريمة تعرض أيضاً لمناقشة اليهود والنصارى في عقائدهم الزائفة، حيث نسبوا إلى الله مالا يليق من الذرية والبنين، ونقضوا العهود والمواثيق، وحرفوا التوراة والإنجيل، وكفروا برسالة محمد عليه الصلاة والسلام إلى آخر ما هنالك من ضلالات وأباطيل، وقد ختمت السورة الكريمة بالموقف الرهيب يوم الحشر الأكبر حيث يدعى السيد المسيح عيسى بن مريم على رؤوس الأسهاد ويسأله ربه تبكيتاً للنصارى الذين عبدوه من دون الله {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} ويا له من موقف مخز لأعداء الله، تشيب لهوله الرؤوس، وتتفطر من فزعه النفوس!!!.
- فضلها: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها.
- التسمية: سميت سورة المائدة لورود ذكر المائدة فيها حيث طلب الحواريون من عيسى عليه السلام آية تدل على صدق نبوته وتكون لهم عيداً وقصتها أعجبُ ما ذكر فيها لاشتمالها على آيات كثيرة ولطفٍ عظيم من الله العلي الكبير.
سورة الأنعام
سورة الأنعام إحدى الصور المكية الطويلة التي يدور محورها حول العقيدة وأصور الإيمان وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية ، فهي لم تعرض لشيء من الأحكام التنظيمية لجماعة المسلمين، كالصوم والحج والعقوبات وأحكام الأسرة، وإنما تناولت القضايا الكبرى الأساسية لأصور العقيدة والإيمان، وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلي:
1-قضية الألوهية
2-قضية الوحي والرسالة
3-قضية البعث والجزاء
* نجد الحديث في هذه السورة مستفيضاً يدور بشدة حول هذه الأصول الأساسية للدعوة الإسلامية، ونجد سلاحها في ذلك الحجة الدامغة، والدلائل الباهرة، والبرهان القاطع في طريق الإلزام والإقناع لأن السورة نزلت في مكة على قوم مشركين. ومما يلفت النظر في السورة الكريمة أنها عرضت لأسلوبين بارزين لا نكاد نجدهما بهذه الكثرة في غيرهما من السور هما: 1- أسلوب التقرير، 2- أسلوب التلقين.
--أما أسلوب التقرير: فإن القرآن يعرض الأدلة المتعلقة بتوحيد الله والدلائل المنصوبة على وجدوده وقدرته، وسلطانه وقهره، في صورة الشأن المسلم، ويضع لذلك ضمير الغائب عن الحس الحاضر في القلب الذي لا يماري فيه قلب سليم ولا عقل راشد في أنه تعالى المبدع للكائنات صاحب الفضل والأنعام فيأتي بعبارة((هو)) الدالة على الخالق المدبر الحكيم، استمع قوله تعالى
{هو الذي خلقكم من طين} .. {وهو الله في السماوات والأرض} .. {وهو الذي يتوفاكم بالليل} .. { وهو القاهر فوق عباده} .. { وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق......}
--أما الثاني (أسلوب التلقين) فإنه يظهر جلياً في تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم تلقين الحجة ليقذف بها في وجه الخصم بحيث تأخذ عليه سمعه، وتملك عليه قلبه فلا يستطيع التخلص أو التلفت منها، ويأتي هذا الأسلوب بطريق السؤال والجواب يسألهم ثم يجيب استمع إلى الآيات الكريمة
{قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة} .. { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم .......}
وهكذا تعرض السورة الكريمة لمناقشة المشركين وإفحامهم بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة التي تقصم ظهر الباطل.
ومن هنا كانت سورة الأنعام بين السور المكية ذات شأن في تركيز الدعوة الإسلامية، تقرر حقائقها، فهي تذكر توحيد الله جل وعلا في الخلق والإيجاد، وفي التشريع والعبادة، وتذكر موقف المكذبين للرسل وتقص عليهم ما حاق بأمثالهم السابقين، وتذكر شبههم في الوحي والرسالة وترشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى إتباع هداهم وسلوك طريقهم في احتمال المشاق وفي الصبر عليها، وتعرض لتصوير حال المكذبين يوم الحشر،
وتفيض في هذا بألوان مختلفة ثم تعرض لكثير من تصرفات الجاهلية التي دفعهم إليها شركهم فيما يختص بالتحليل والتحريم وتقضي عليه بالتفنيد والإبطال،
ثم تختم السورة بعد ذلك – في ربع كامل – بالوصايا العشر التي نزلت في كل الكتب السابقة، ودعا إليها جميع الأنبياء السابقين{ قل تعالوا ما حرم ربكم عليكم.. } وتنتهي بآية فذة تكشف للإنسان عن مركزه عند ربه في هذه الحياة، وهو أنه خليفة في الأرض، وأن الله سبحانه قد فاوت في المواهب بين أفراد الإنسان لغاية سامية وحكمة عظيمة وهي ( الابتلاء والاختبار) في القيام بتبعات هذه الحياة، وذلك شأن يرجع إله كما له المقصود من هذا الخلق وذلك النظام
* التسمية: سميت سورة الأنعام لورود ذكر الأنعام فيها{ وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً } ولأن أكثر أحكامها الموضحة لجهالات المشركين تقرباً بها إلى أصنامهم مذكورة فيها، ومن خصائصها ما روي عن ابن عباس أنه قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً جملةً واحدة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح.
-سورة الأعراف
سورة الأعراف من أطول السور المكية، وهي أول سورة عرضت للتفصيل في قصص الأنبياء، ومهمتها كمهمة السور المكية تقرير أصور الدعوة الإسلامية من توحيد الله جل وعلا، وتقرير البعث والجلاء، وتقرير الوحي والرسالة.
*تعرضت السورة الكريمة في بدء آياتها للقرآن العظيم معجزة محمد الخالدة، وقررت أن هذا القرآن نعمة من الرحمن على الإنسانية جمعاء، فعليهم أن يستمسكوا بتوجيهاته وإرشاداته ليفوزوا بسعادة الدارين.
*ولفتت الأنظار إلى نعمة خلقهم من أب واحد، وإلى تكريم الله لهذا النوع الإنساني ممثلاً في أب البشر آدم عليه السلام الذي أمر الله الملائكة بالسجود له، ثم حذرت من كيد الشيطان ذلك العدو المتربص الذي قعد على طريق الناس ليصدهم ويبعدهم عن خالقهم.
*وقد ذكر تعالى قصة آدم مع إبليس وخروجه من الجنة، وهبوطه إلى الأرض كنموذج للصراع بين الخير والشر، والحق والباطل، وبيانً لكيد إبليس لآدم وذريته، ولهذا وجه الله إلى أبناء آدم- بعد أن بيَّن لهم عداوة إبليس لأبيهم أربعة نداءات متتالية بوصف البنوة لآدم {يا بني آدم} وهو نداء خاص بهذه السورة يحذرهم بها من عدوهم الذي نشأ على عداوتهم من قديم الزمن حيث وسوس لأبيهم آدم حتى أوقعه في الزلة والمخالفة لأمر الله
{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا}
*كما تعرضت السورة الكريمة لمشهد من المشاهد الواقعة يوم القيامة، مشهد الفرق الثلاثة وما يدور بينهم من محاورة ومناظرة: فرقة المؤمنين أصحاب الجنة، وفرقة الكافرين أصحاب النار، وفرقة ثالثة لم يتحدث عنها القرآن إلا في هذه السورة، وهي الفرقة التي سميت بأصحاب الأعراف وسميت باسمها (سورة الأعراف) مشهد سوف يشهده العالم يوم البعث والجزاء على الحقيقة دون تمثيل ولا تخيل، تبين ما يكون فيه من شماتت أهل الحق (أصحاب الجنة) بالمبطلين أصحاب النار، وينطلق صوت علوي يسجل عليهم اللعنة والطرد والحرمان، وقد ضرب بين الفريقين بحجاب ووقف عليه رجال يعرفون كلاٌّ بسيماهم، ويعرفون أهل الجنة ببياض الوجه ونضرتها، ويعرفون أهل النار بسواد الوجوه وقترتها.
*وتناولت السورة قصص الأنبياء بإسهاب (نوح، هود، صالح، لوط، شعيب، موسى) وقد ابتدأت بشيخ الأنبياء نوح عليه السلام وما لاقا من قومه من جحود وعناد، وتكذيب وإعراض، وقد ذكرت بالتفصيل قصة الكليم موسى عليه السلام مع فرعون الطاغية، وتحدثت عما نال بني إسرائيل من بلاء وشدة ثم من أمنٍ ورخاء وكيف لما بدلوا نعمة الله وخالفوا أمره عاقبهم الله تعالى بالمسخ إلى قردة وخنازير.
*وتناولت السورة كذلك المثل المخزي لعلماء السوء، وصورتهم بأشنع وأقبح ما يمكن للخيال أن يتصوره، صورة الكلب اللاهث الذي لا يكف عن اللهث، ولا ينفك عن التمرغ في الطين والأوحال{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} وتلك لعمر الحق أقبح صورة مزرية لمن رزقه الله العلم النافع فاستعمله لجمع الحطام الفاني وكان خزياً ووبالاً عليه، لأنه لم ينتفع بهذا العلم، ولم يستقم على طريق الإيمان وانسلخ من النعمة، واتبعه الشيطان فكان من الغاوين.
*وقد ختمت السورة الكريمة بإثبات التوحيد، والتهكم بمن عبدوا ما لا يضر ولا ينفع، ولا يبصر ولا يسمع، من أحجار وأصنام اتخذوهما شركاء مع الله، وهو جل ولعا وحده الذي خلقهم وصورهم ويعلم متقلبهم ومثواهم، وهكذا ختمت السورة الكريمة بالتوحيد كما بدأت بالتوحيد، فكانت الدعوة إلى الإيمان بوحدانية الرب المعبود في البدء والختام.
التسمية : سميت هذه السورة بسورة الأعراف لورود ذكر اسم الأعراف فيها. وهو سور مضروب بين الجنة والنار يحول بين أهليهما، روى ابن جرير عم حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة، وتخلفت بهم حسناتهم عن دخول النار، فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم....
سورة الأنفال:
*سورة الأنفال إحدى السور المدنية التي عنيت بجانب التشريع، وبخاصة فيما يتعلق بالغزوات في سبيل الله، فقد عالجت بعض النواحي الحربية التي ظهرت عقب بعض الغزوات، وتضمنت كثيراً من التشريعات الحربية، والإرشادات الإلهية التي يجب على المؤمنين إتباعها في قتالهم لأعداء الله، وتناولت جانب السلم والحرب، وأحكام الأسر والغنائم.
*نزلت هذه السورة الكريمة في أعقاب (غزوة بدر) التي كانت فاتحة الغزوات في تاريخ الإسلام المجيد، وبداية النصر لجند الرحمن حتى سماها بعض الصحابة (سورة بدر) لأنها تناولت أحداث هذه الموقعة بإسهاب، ورسمت الخطة التفصيلية للقتال، وبينت ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من البطولة والشهامة، والوقوف في وجه الباطل بكل شجاعة وجرأة وحزم وصمود.
*ومن المعلوم من تاريخ الغزوات التي خاضها المسلمون إن غزوة بدر كانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكانت هي الجولة الأولى من جولات الحق مع الباطل، ورد البغي والطغيان، وإنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين قعد بهم الضعف في مكة، وأخذوا في الضراعة إلى الله أن يخرجهم من القرية الظالم أهلها، وقد استجاب الله ضراعتهم فهيأ لهم ظروف تلك الغزوة، التي تم فيها النصر للمؤمنين على قلة في عددهم، وضعف في عدهم، وعلى عدم تهيئتهم للقتال، وبها عرف أنصار الباطل أنه مهما طال أمده، وقويت شوكته، وامتد سلطانه، فلا بد له من يوم يخرّ فيه صريعاً أمام جلال الحق وقوة الإيمان، وهكذا كانت غزوة بدر نصراً للمؤمنين، وهزيمة للمشركين.
*وفي ثنايا سرد أحداث بدر جاءت النداءات الإلهية للمؤمنين ست مرات بوصف الإيمان {يا أيها الذين آمنوا} كحافز لهم على الصبر والثبات في مجاهدتهم لأعداء الله، وكتذكير لهم بأن هذه التكاليف التي أمروا بها من مقتضيات الإيمان الذين تحلوا به، وان النصر الذي حازوا عليه كان بسبب الإيمان لا بكثرة السلاح والرجال.
*أما النداء الأول فقد جاء فيه التحذير من الفرار من المعركة {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار} وقد توعد الآيات المنهزمين أمام الأعداء بأشد العذاب.
*أما النداء الثاني: فقد جاء فيه الأمر بالسمع والطاعة لأمر الله وأمر رسوله{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وانتم تسمعون} كما صورت الآيات الكافرين بالأنعام السارحة التي لا تسمع ولا تعي ولا تستجيب لدعوة الحق.
*أما النداء الثالث: فقد بين فيه أن ما يدعوهم إله الرسول فيه حياتهم وعزتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم}
*وأما النداء الرابع: فقد نبههم فيه أن إفشاء سر الأمة للأعداء خيانة لله ولرسوله وخيانة للأمة أيضاً{ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخزنوا أماناتكم وأنتم تعلمون}
*وأما النداء الخامس: فقد لفت نظرهم فيه إلى ثمرة التقوى، وذكرهم بأنها أساس الخير كله، وأن من أعظم ثمرات التقوى ذلك النور الرباني، الذي يقذفة الله في قلب المؤمن، وبه يفرق بين الرشد والغيّ، والهدى والضلال{يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم، والله ذو الفضل العظيم}.
*وأما النداء السادس: وهو النداء الأخير فقد وضّح لهم فيه طريق العزة، وأسس النصر، وذلك بالثبات أمام الأعداء، والصبر عند اللقاء، واستحضار عظمة الله التي لا تحد، وقوته التي لا تقهر، والاعتصام بالمدد الروحي الذي يعينهم على الثبات ألا وهو ذكر الله كثيراً{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}.
*وقد ختمت السورة الكريمة ببيان الولاية الكاملة بين المؤمنين، وأنه مهما تناءت ديارهم، واختلفت أجناسهم، فهم أمة واحدة، وعليهم نصر الذين يستنصرونهم في الدين، كما أن ملة الكفر أيضاً واحدة، وبين الكافرين ولاية قائمة على أسس البغي والضلال، وأنه لا ولاية بين المؤمنين والكافرين{ والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفساد كبير}.
سورة التوبة
*هذه السورة الكريمة من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع، وهي من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري عن البراء بن عازب أن آخر سورة نزلت سورة براءة،
وروى الحافظ ابن كثير: أن هذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مرجعه من غزوة تبوك، وبعث أبا بكر الصديق أميراً على الحج تلك السنة، ليقيم للناس مناسكهم، فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيها من الأحكام نزلت في السنة التاسعة من الهجرة،
وهي السنة التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الروم، واشتهرت بين الغزوات النبوية ب((غزوة تبوك)) وكانت في حرٍّ شديد، وسفر بعيد، حين طابت الثمار، وأخلد الناس إلى نعيم الحياة، فكانت ابتلاء لإيمان المؤمنين،وامتحاناً لصدقهم وإخلاصهم لدين الله، وتمييزاً بينهم وبين المنافقين، ولهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان- إلى جانب الأحكام الأخرى- هما:
أولاً: بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين، وأهل الكتاب.
ثانياً: إظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول لغزو الروم.
*أما بالنسبة للهدف الأول فقد عرضت السورة إلى عهود المشركين فوضعت لها حداً، ومنعت حج المشركين لبيت الله الحرام، وقطعت الولاية بينهم وبين المسلمين، ووضعت الأساس في قبول بقاء أهل الكتاب في الجزيرة العربية، وإباحة التعامل معهم، وقد كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين عهود ومواثيق، كما كان بينه وبين أهل الكتاب عهود أيضاً، ولكن المشركين نقضوا العهود وتآمروا مع اليهود عدة مرات على حرب المسلمين، وخانت طوائف اليهود( بنو النضير) و (بنو قريظة) و (بنو قينقاع) ما عاهدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقضوا عهودهم مرات ومرات، فلم يعد من الحكمة أن يبقى المسلمون متمسكين بالعهود وقد نقضها أعداؤهم، فنزلت السورة الكريمة بإلغاء تلك العهود ونبذها إليهم على وضوح وبصيرة، لأن الناكثين لا يتورعون عم الخيانة كلما سنحت لهم الفرصة، وبذلك قطع الله تعالى ما بين المسلمين والمشركين من صلات، فلا عهد، ولا تعاهد، ولا سلم، ولا أمان، بعد أن منحهم الله فرصة كافية هي السياحة في الأرض أربعة أشهر ينطلقون فيها آمنين، ليتمكنوا من النظر والتدبر في أمرهم، ويختاروا ما يرون فيه المصلحة لهم. وفي ذلك نزل صدر السورة الكريمة{ براءةٌ من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}
*ثم تلتها الآيات في قتال الناقضين للعهود من أهل الكتاب{ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}
وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من عشرين آية، وكشف الله سبحانه فيها القناع عن خفايا أهل الكتاب، وما انطوت عليه نفوسهم من خبثٍ ومكرٍ، وحقدٍ على الإسلام والمسلمين.
*وعرضت السورة للهدف الثاني، وهو شرح نفسيات المسلمين حين استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الروم، وقد تحدثت الآيات عن المتثاقلين منهم والمتخلفين، والمثبطين، وكشف الغطاء عن فتن المنافقين، باعتبار خطرهم الداهم على الإسلام والمسلمين، وفضحت أساليب نفاقهم، وألوان فتنتهم وتخذيلهم للمؤمنين، حتى لم تدع لهم ستراً إلا هتكته، ولا دخيلة إلا كشفتها، وتركتهم بعد هذا الكشف والإيضاح تكاد تلمسهم أيدي المؤمنين، وقد استغرق الحديث عنهم معظم السورة بدءاً من قوله تعالى{ لو كان عرضاَ وسفراً قاصداً لاتبعوك...} إلى قوله تعالى{ لا يزال بنيانهم الذين بنوا ريبةً في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} ولهذا سماها بعض الصحابة ((الفاضحة)) لأنها فضحت المنافقين وكشفت أسرارهم، قال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس عن سورة براءة فقال:
تلك الفاضحة، مازال ينزل: ومنهم، ومنهم، حتى خفنا ألا تدع منهم أحداً، وروي عن حذيفة بن اليمان أنه قال: إنكم تسمونها سورة التوبة، وإنما هي سورة العذاب، والله ما تركت أحداً من المنافقين إلا نالت منه، وهذا هو السر في عدم وجود البسملة فيها قال ابن عباس: سألت علي بن أبي طالب لِم لمْ يُكتب في براءة{بسم الله الرحمن الرحيم}؟؟ قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان، وبراءة نزلت بالسيف، ليس فيه أمان، وقال سفيان بن عيينة: إنما لم تكتب في صدر هذه السورة البسملة لأن التسمية رحمة، والرحمة أمان، وهذه السورة نزلت بالمنافقين وبالسيف، ولا أمان للمنافقين.
*وبالجملة فأن هذه السورة الكريمة قد تناولت(الطابور الخامس) المندس بين صفوف المسلمين ألا وهم( المنافقين) الذين هم أشد خطراً من المشركين، ففضحتهم وكشفت أسرارهم ومخازيهم، وظلت تقذفهم بالحمم حتى لم تُبق منهم دياراً، فقد وصل بهم الكيد في التآمر على الإسلام، أن يتخذوا بيوت الله أوكاراً للتخريب والتدمير، وإلقاء الفتنة بين صفوف المسلمين، في مسجدهم، الذي عرف باسم(مسجد الضرار) وقد نزل في شأنه أربع آيات في هذه السورة{ والذين اتخذوا مسجداً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل}
ولم يد النبي صلى الله عليه وسلم يتلقى الوحي حتى قال لأ
صحابه: (( انطلقوا إلى هذا المسجد الظَّالم أهلهُ فاهدموهُ وحرقوهُ)) فهدموه وكفى الله الإسلام والمسلمين شرهم، وكيدهم، وخبثهم، وفضحهم إلى يوم الدين
*التسمية: تسمى هذه السورة بأسماء عديدة أوصلها بعض المفسرين إلى أربعة عسر اسماً، قال العلامة الزمخشري: لهذه السورة عدة أسما: {براءة، والتوبة، والمقشقشة، والمبعثرة، والمشردة، والمخزية، والفاضحة، والمثيرة، والحافرة، والمنكلة، والمدمدة، وسورة العذاب} قال: لأن فيها التوبة عند المؤمنين، وهي تقشقش من النفاق أي تبرئ منه، وتبعثر عن أسرار المنافقين، وتبحث عنها وتثيرها وتحفر عنها، وتفضحهم، وتنكل بهم، وتشردهم، وتخزيهم، وتدمدم عليهم.
الإثنين يوليو 25, 2011 4:58 pm من طرف صداء الاشواق
» شريط اهداءات
الخميس يونيو 16, 2011 10:45 pm من طرف مابي اخاف
» مرحبااااااااااااااااااا
الخميس يونيو 16, 2011 10:22 pm من طرف مابي اخاف
» بلييييييييييييييييييز يجب النتباه
الخميس يونيو 16, 2011 9:56 pm من طرف مابي اخاف
» هل الطيبة عيب أم ميزة ؟؟؟
الخميس يونيو 16, 2011 9:53 pm من طرف مابي اخاف
» امسيه شعريه
الخميس يونيو 16, 2011 9:32 pm من طرف مابي اخاف
» تحــــدى اكــبر هاكر يخترقكـ مع Dr.YoUseF
الأحد أبريل 03, 2011 6:58 pm من طرف عيسى باش
» اقوى برنامج لا سرقة الايميلت جديد 2008
الإثنين مارس 07, 2011 4:43 pm من طرف WSXSX
» اكبر مكتبة برامج هاكر هديه للمنتدى-ايش ما يخطر عبالك موجود
الأحد مارس 06, 2011 9:40 pm من طرف WSXSX